آزر والد إبراهيم عليه الصلاة والسلام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
يدّعي الصوفية أن أبوي النبي أحييا بعد مماتهما وآمنا به صلى الله عليه وسلم ، وأن أصول الأنبياء منزهة عن الكفر والشرك ، وهذا الادعاء منهم أوجب عليهم أن يؤولون قول الله عز وجل: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنّه سيهدين} وبقية الآيات التي تصرح بأن آزر والد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، هو عمّه أخو أبيه ، لكي لا يكون عليهم حجة.
ومن المعاصرين يدعي علي الجفري الداعية الصوفي: أنّ آزر ليس والد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، بل هو عمّه لأنه كافر!
وحقيقة المسألة أن الجفري افترى قصّة لكي يحرّض العوام والجهلة من أتباعه الصوفية على معاداة أهل السنة ، فزعم أن بعض العلماء في الحجاز ونجد يقول في خطبة الجمعة: ((إنّ والد النبي صلى الله عليه وسلّم كافر وفي النار)) هكذا زعم ! وغرض الجفري أن يوهم الناس أنّ هذا الشيخ ينتمي لمذهب لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم ويبذل كلّ جهده للتهوين من مكانته ، وذلك لكي يضمن ألا يستمع الناس لتوجيهات الشيوخ في الحجاز ونجد في نبذ البدعة والأمور التي تسوق معتقدها إلى الشرك .
ولكنّ الجفري يعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو القائل لبعض الصحابة ((أبي وأبوك في النار)) كما في صحيح مسلم ، فلم يجد مخرجاً إلا أن يلبّس على الناس هذه المسألة فقال: إن كلمة أب في اللغة تطلق على العم أيضاً ، بدليل قوله تعالى: { قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق } وإسماعيل هو عمّ يعقوب ؛ ولذلك يجب أن نحمل معنى الحديث على أنه قصد عمّه أبا لهب ! لأنه لا يمكن أن يكون والده كافراً.
ولكي لا يُعتَرَضَ عليه بأنّ والد إبراهيم كان كافراً ، عاد فلبّس على الناس حقيقة الأمر فقال: إن آزر هو عمّ إبراهيم ، ووالد إبراهيم اسمه تارح ، وقد مات مبكراً فتربى إبراهيم عند عمّه آزر ، هكذا زعم ، ونسب هذا الكلام للتفاسير الموسّعة وهو ليس فيها ، ثمّ ادعى أنّ إبراهيم استغفر لأبيه مرّةً واحدة ، ثمّ في آخر عمره عاد فقال: ربي اغفر لي ولوالديّ ، فدلّ ذلك على أنّ والده هو غير أبيه آزر ومعنى هذا أن آزر هو عمه والعرب تسمي العمّ أباً.
وفي الجواب على هذا التخبّط والتلبيس ، أقول: نعم إن العرب قد تطلق على العمّ لفظ الأب مجازاً ، ولكن ذلك لا يكون إلا بعد أن يعرفَ السامع أن هذا الأب هو عم . والآية القرآنية التي استشهد بها الجفري هي حجّة عليه ، لأنّ الله عزّ وجل عرّفنا أن إبراهيم له ابنان إسماعيل وإسحق ، وأنّ يعقوب هو ابن إسحق ، وعندما أراد أن يبيّن لنا أنهم على ملّةٍ واحدة لم يكن من البلاغة في الكلام أن يقول ملّة أبيك وعمك وجدّك إسحق وإسماعيل وإبراهيم ، فقال: ملّة آبائك بالجمع ، ولو لم يكن الجفري يعرف أنّ إسماعيل هو عمّ يعقوب لما استطاع أن يقول: إن لفظة أب أطلقت من باب المجاز ، بل كان سيعتقد أن إسماعيل هو والد إسحق !
ومن هنا أقول: إن القرآن العظيم لم يذكر آزر إلا بوصفه أباً لإبراهيم ونحن لا نعرف شيئاً عن آزر من قبل ، فلا يمكن أن نزعم أن هذا اللفظ كان على المجاز إلا بدليل ، وهل يُعقل أن يكون آزر هو عمّ إبراهيم ولا ينبّه القرآن على ذلك أبداً بل يذكره دائماً بصفة الأبوّة ويخاطبه إبراهيم دائماً فيقول له: يا أبت ! ونحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم قد تربى في كنف عمّه أبي طالب ومع ذلك لم يَرد عنه يوماً أنه قال له: يا أبت بل دائماً يقول له: يا عم ! .
وأمّا ما ادّعاه من دعاء إبراهيم في آخر عمره لوالديه ، فهذا أيضاً من التلبيس ، فكلنا يعلم أنّ إبراهيم وعد أباه آزر أن يستغفر له ، ولكن هل يعلم الجفري متى وفّى إبراهيم بوعده ، حتى يزعم أنه قد استغفر له قبل هذه الحادثة ومرّة واحدة فقط ؟!!
إذا عدنا إلى كتب التفسير سنجد خلاف ما ادّعاه الجفري ، فإنّ أحداً لم يذكر هذا الكلام الذي اخترعه وابتدعه ، وقاله بغير علم فضل وأضل ، بل إن كتب التفسير تنصّ على أنّ آزر هو والد إبراهيم وأنه هو المقصود في قوله: { ربّنا اغفر لي ولوالديَّ } .
وكذلك فإن كتب التفسير تذكر أن إبراهيم استمرّ يدعو لأبيه حتى مات على الكفر فتبرّأ منه ، فكيف يقول الجفري إن إبراهيم دعا لأبيه مرّة واحدة فقط ؟؟
ثمّ إنّ الحديث الذي في البخاري ، باب: { ولا تخزني يوم يبعثون } عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَلْقَى إبراهيم أباه فيقول: يا ربّ إنك وَعَدتني أن لا تُخزني يوم يُبعثون ، فيقول الله: إني حرّمتُ الجنَّةَ على الكافرين)). يدلّنا أنّ إبراهيم سيعود ويطلب من ربه يوم القيامة أن يغفر لأبيه فما جواب الجفري على هذا ؟
فإذا نظرنا في الفقه الشافعي وجدنا أنّ الإمام الشافعي رحمه الله يقول: إن آزر هو والد إبراهيم وإليكم قول الشافعي ، جاء في كتاب "الأم" للشافعي (4ـ81) باب المواريث ، قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: {ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بنيّ} وقال عزّ وجل: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} فنسب إبراهيم إلى أبيه وأبوه كافر ، ونسب ابن نوح إلى أبيه نوح وابنه كافر . انتهى كلام الشافعي
وإذا نظرنا في كلام الصوفية وآل البيت ، وجدناهم يقولون: إن آزر هو والد إبراهيم ، وإليكم قولهم: قال السيد عبد الله بن الصديق الغماري الحسني في كتابه خواطر دينية:
آزر والد إبراهيم عليه السَّلام
قول الله تعالى 1ـ {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتَّخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلالٍ مبين} يُفيد أنَّ أباه كان زعيم قومه ورئيسهم وآزر لقبه , واسمه تارح .
وزعم بعضهم أنَّه عمّه , وليس كذلك , فقد ذكره القرآن بوصف الأبوّة عدَّة مرّات: في هذه الآية , وفي آياتٍ أخر
2ـ {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه}..
3ـ {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صدّيقاً نبيّا إذ قال لأبيه يا أبت}.
4ـ {واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون}.
5ـ {واغفر لأبي إنّه كان من الضَّاليّن}.
6ـ {وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربّه بقلبٍ سليم إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون}.
7ـ {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنَّا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التَّماثيل التي أنتم لها عاكفون}.
8ـ {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنّه سيهدين}.
9ـ {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنَّ لك وما أملك لك من الله من شيء}
وكذا جاء وصفه بالأبوّة في حديث الصّحيحين. خواطر دينية (صفحة: 114) لأبي الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الإدريسي الحسني .
أقول: وحديث البخاري رواه في كتاب تفسير القرآن سورة الشعراء (87): باب: { ولا تخزني يوم يبعثون }
1ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ((إنّ إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة)).
2ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَلْقَى إبراهيم أباه فيقول: يا ربّ إنك وَعَدتني أن لا تُخزني يوم يُبعثون ، فيقول الله: إني حرّمتُ الجنَّةَ على الكافرين)).
إذاً الشافعي ، وعلماء آل البيت المعتبرين يقولون: إن آزر هو والد إبراهيم ، فمِنْ أين أتى الجفري بقوله المخالف لهم ، بل ولكل المذاهب الأخرى ؟!
وكيف يَنعتُ الجفري بعض علماء الأمة بأنه صاحب أقوالٍ شاذّة وأنّ علمه أخذه عن الصحف وليس له سند إلى سلف الأمة !.
في حين نرى جميعنا أن الجفري هو صاحب الأقوال الشاذّة وليس له سند إلى سلف الأمة بل ولا إلى من يدعي السند إليهم !!
علماً أن جلّ كتب التفسير المشهورة تؤكد أن آزر هو والد إبراهيم , اللهمّ ما يروى أن الفخر الرّازي روى في تفسيره أن والد إبراهيم هو تارخ أخو آزر .
والمعلوم عند أهل العلم أن هذه الأسماء ناخور ( أخو إبراهيم ) و تارخ ( والدهما) و شاروخ ( جدهما ) وزمران و يقشان و شوحا ( أبناء إبراهيم ) كلّها مأخوذة من تراجم اليهود !
وأما أهل الإسلام فإن الله تعالى عرّفهم بوالد إبراهيم في كتابه العظيم فقال: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} وعرّفهم بأبناء إبراهيم فقال مخبراً عن إبراهيم: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق}.
فهل يسوغ للجفري أن يترك كلام الله ويأخذ بتراجم اليهود ؟
ثمّ بعد ذلك يقول للناس: هذا الكلام عليه جمهور المفسرين والعلماء !
والذي أريد توضيحه أنني لم أكتب هذه الكلمات لأخوض في مسألة إيمان والدي النبي صلى الله عليه وسلّم ، وإنّما دفعني لكتابتها ما أحدثه هذا الجفري من الفتنة بين الناس ، حيث أوهم العوام أنّ ما يقوله هو قول أهل العلم سلَفاً وخلَفاً ، وأنّ قول الآخرين لا صحّة له ، والأمر كما رأيتم معكوس ، فإن الجفري هو الذي خالف كل أهل العلم وكل المذاهب وليس الشافعي فحسب ، ونسب ما يقولونه إلى الهوى وبغض النبي والعياذ بالله ، وذلك لكي يطعن في خصومه الذين يقولون بقول جميع الأئمة والعلماء المسلمين ، فكان عمله كعمل الشيعة الرافضة عندما زعموا أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ضرب السّيدة فاطمة على بطنها ، فأسقطت الجنين الذي كانت حاملاً به ، وزوجها علي بن أبي طالب واقفٌ ينظر ولا يحرّك ساكناً ! أراد الشيعة أن يطعنوا في عمر ، فطعنوا بعلي وهم لا يشعرون حملهم على ذلك الهوى والبعد عن مخافة الله فجعلهم الشيطان مطيّةً له. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
يدّعي الصوفية أن أبوي النبي أحييا بعد مماتهما وآمنا به صلى الله عليه وسلم ، وأن أصول الأنبياء منزهة عن الكفر والشرك ، وهذا الادعاء منهم أوجب عليهم أن يؤولون قول الله عز وجل: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنّه سيهدين} وبقية الآيات التي تصرح بأن آزر والد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، هو عمّه أخو أبيه ، لكي لا يكون عليهم حجة.
ومن المعاصرين يدعي علي الجفري الداعية الصوفي: أنّ آزر ليس والد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، بل هو عمّه لأنه كافر!
وحقيقة المسألة أن الجفري افترى قصّة لكي يحرّض العوام والجهلة من أتباعه الصوفية على معاداة أهل السنة ، فزعم أن بعض العلماء في الحجاز ونجد يقول في خطبة الجمعة: ((إنّ والد النبي صلى الله عليه وسلّم كافر وفي النار)) هكذا زعم ! وغرض الجفري أن يوهم الناس أنّ هذا الشيخ ينتمي لمذهب لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم ويبذل كلّ جهده للتهوين من مكانته ، وذلك لكي يضمن ألا يستمع الناس لتوجيهات الشيوخ في الحجاز ونجد في نبذ البدعة والأمور التي تسوق معتقدها إلى الشرك .
ولكنّ الجفري يعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو القائل لبعض الصحابة ((أبي وأبوك في النار)) كما في صحيح مسلم ، فلم يجد مخرجاً إلا أن يلبّس على الناس هذه المسألة فقال: إن كلمة أب في اللغة تطلق على العم أيضاً ، بدليل قوله تعالى: { قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق } وإسماعيل هو عمّ يعقوب ؛ ولذلك يجب أن نحمل معنى الحديث على أنه قصد عمّه أبا لهب ! لأنه لا يمكن أن يكون والده كافراً.
ولكي لا يُعتَرَضَ عليه بأنّ والد إبراهيم كان كافراً ، عاد فلبّس على الناس حقيقة الأمر فقال: إن آزر هو عمّ إبراهيم ، ووالد إبراهيم اسمه تارح ، وقد مات مبكراً فتربى إبراهيم عند عمّه آزر ، هكذا زعم ، ونسب هذا الكلام للتفاسير الموسّعة وهو ليس فيها ، ثمّ ادعى أنّ إبراهيم استغفر لأبيه مرّةً واحدة ، ثمّ في آخر عمره عاد فقال: ربي اغفر لي ولوالديّ ، فدلّ ذلك على أنّ والده هو غير أبيه آزر ومعنى هذا أن آزر هو عمه والعرب تسمي العمّ أباً.
وفي الجواب على هذا التخبّط والتلبيس ، أقول: نعم إن العرب قد تطلق على العمّ لفظ الأب مجازاً ، ولكن ذلك لا يكون إلا بعد أن يعرفَ السامع أن هذا الأب هو عم . والآية القرآنية التي استشهد بها الجفري هي حجّة عليه ، لأنّ الله عزّ وجل عرّفنا أن إبراهيم له ابنان إسماعيل وإسحق ، وأنّ يعقوب هو ابن إسحق ، وعندما أراد أن يبيّن لنا أنهم على ملّةٍ واحدة لم يكن من البلاغة في الكلام أن يقول ملّة أبيك وعمك وجدّك إسحق وإسماعيل وإبراهيم ، فقال: ملّة آبائك بالجمع ، ولو لم يكن الجفري يعرف أنّ إسماعيل هو عمّ يعقوب لما استطاع أن يقول: إن لفظة أب أطلقت من باب المجاز ، بل كان سيعتقد أن إسماعيل هو والد إسحق !
ومن هنا أقول: إن القرآن العظيم لم يذكر آزر إلا بوصفه أباً لإبراهيم ونحن لا نعرف شيئاً عن آزر من قبل ، فلا يمكن أن نزعم أن هذا اللفظ كان على المجاز إلا بدليل ، وهل يُعقل أن يكون آزر هو عمّ إبراهيم ولا ينبّه القرآن على ذلك أبداً بل يذكره دائماً بصفة الأبوّة ويخاطبه إبراهيم دائماً فيقول له: يا أبت ! ونحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم قد تربى في كنف عمّه أبي طالب ومع ذلك لم يَرد عنه يوماً أنه قال له: يا أبت بل دائماً يقول له: يا عم ! .
وأمّا ما ادّعاه من دعاء إبراهيم في آخر عمره لوالديه ، فهذا أيضاً من التلبيس ، فكلنا يعلم أنّ إبراهيم وعد أباه آزر أن يستغفر له ، ولكن هل يعلم الجفري متى وفّى إبراهيم بوعده ، حتى يزعم أنه قد استغفر له قبل هذه الحادثة ومرّة واحدة فقط ؟!!
إذا عدنا إلى كتب التفسير سنجد خلاف ما ادّعاه الجفري ، فإنّ أحداً لم يذكر هذا الكلام الذي اخترعه وابتدعه ، وقاله بغير علم فضل وأضل ، بل إن كتب التفسير تنصّ على أنّ آزر هو والد إبراهيم وأنه هو المقصود في قوله: { ربّنا اغفر لي ولوالديَّ } .
وكذلك فإن كتب التفسير تذكر أن إبراهيم استمرّ يدعو لأبيه حتى مات على الكفر فتبرّأ منه ، فكيف يقول الجفري إن إبراهيم دعا لأبيه مرّة واحدة فقط ؟؟
ثمّ إنّ الحديث الذي في البخاري ، باب: { ولا تخزني يوم يبعثون } عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَلْقَى إبراهيم أباه فيقول: يا ربّ إنك وَعَدتني أن لا تُخزني يوم يُبعثون ، فيقول الله: إني حرّمتُ الجنَّةَ على الكافرين)). يدلّنا أنّ إبراهيم سيعود ويطلب من ربه يوم القيامة أن يغفر لأبيه فما جواب الجفري على هذا ؟
فإذا نظرنا في الفقه الشافعي وجدنا أنّ الإمام الشافعي رحمه الله يقول: إن آزر هو والد إبراهيم وإليكم قول الشافعي ، جاء في كتاب "الأم" للشافعي (4ـ81) باب المواريث ، قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: {ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بنيّ} وقال عزّ وجل: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} فنسب إبراهيم إلى أبيه وأبوه كافر ، ونسب ابن نوح إلى أبيه نوح وابنه كافر . انتهى كلام الشافعي
وإذا نظرنا في كلام الصوفية وآل البيت ، وجدناهم يقولون: إن آزر هو والد إبراهيم ، وإليكم قولهم: قال السيد عبد الله بن الصديق الغماري الحسني في كتابه خواطر دينية:
آزر والد إبراهيم عليه السَّلام
قول الله تعالى 1ـ {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتَّخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلالٍ مبين} يُفيد أنَّ أباه كان زعيم قومه ورئيسهم وآزر لقبه , واسمه تارح .
وزعم بعضهم أنَّه عمّه , وليس كذلك , فقد ذكره القرآن بوصف الأبوّة عدَّة مرّات: في هذه الآية , وفي آياتٍ أخر
2ـ {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه}..
3ـ {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صدّيقاً نبيّا إذ قال لأبيه يا أبت}.
4ـ {واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون}.
5ـ {واغفر لأبي إنّه كان من الضَّاليّن}.
6ـ {وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربّه بقلبٍ سليم إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون}.
7ـ {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنَّا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التَّماثيل التي أنتم لها عاكفون}.
8ـ {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنّه سيهدين}.
9ـ {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنَّ لك وما أملك لك من الله من شيء}
وكذا جاء وصفه بالأبوّة في حديث الصّحيحين. خواطر دينية (صفحة: 114) لأبي الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الإدريسي الحسني .
أقول: وحديث البخاري رواه في كتاب تفسير القرآن سورة الشعراء (87): باب: { ولا تخزني يوم يبعثون }
1ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ((إنّ إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة)).
2ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَلْقَى إبراهيم أباه فيقول: يا ربّ إنك وَعَدتني أن لا تُخزني يوم يُبعثون ، فيقول الله: إني حرّمتُ الجنَّةَ على الكافرين)).
إذاً الشافعي ، وعلماء آل البيت المعتبرين يقولون: إن آزر هو والد إبراهيم ، فمِنْ أين أتى الجفري بقوله المخالف لهم ، بل ولكل المذاهب الأخرى ؟!
وكيف يَنعتُ الجفري بعض علماء الأمة بأنه صاحب أقوالٍ شاذّة وأنّ علمه أخذه عن الصحف وليس له سند إلى سلف الأمة !.
في حين نرى جميعنا أن الجفري هو صاحب الأقوال الشاذّة وليس له سند إلى سلف الأمة بل ولا إلى من يدعي السند إليهم !!
علماً أن جلّ كتب التفسير المشهورة تؤكد أن آزر هو والد إبراهيم , اللهمّ ما يروى أن الفخر الرّازي روى في تفسيره أن والد إبراهيم هو تارخ أخو آزر .
والمعلوم عند أهل العلم أن هذه الأسماء ناخور ( أخو إبراهيم ) و تارخ ( والدهما) و شاروخ ( جدهما ) وزمران و يقشان و شوحا ( أبناء إبراهيم ) كلّها مأخوذة من تراجم اليهود !
وأما أهل الإسلام فإن الله تعالى عرّفهم بوالد إبراهيم في كتابه العظيم فقال: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} وعرّفهم بأبناء إبراهيم فقال مخبراً عن إبراهيم: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق}.
فهل يسوغ للجفري أن يترك كلام الله ويأخذ بتراجم اليهود ؟
ثمّ بعد ذلك يقول للناس: هذا الكلام عليه جمهور المفسرين والعلماء !
والذي أريد توضيحه أنني لم أكتب هذه الكلمات لأخوض في مسألة إيمان والدي النبي صلى الله عليه وسلّم ، وإنّما دفعني لكتابتها ما أحدثه هذا الجفري من الفتنة بين الناس ، حيث أوهم العوام أنّ ما يقوله هو قول أهل العلم سلَفاً وخلَفاً ، وأنّ قول الآخرين لا صحّة له ، والأمر كما رأيتم معكوس ، فإن الجفري هو الذي خالف كل أهل العلم وكل المذاهب وليس الشافعي فحسب ، ونسب ما يقولونه إلى الهوى وبغض النبي والعياذ بالله ، وذلك لكي يطعن في خصومه الذين يقولون بقول جميع الأئمة والعلماء المسلمين ، فكان عمله كعمل الشيعة الرافضة عندما زعموا أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ضرب السّيدة فاطمة على بطنها ، فأسقطت الجنين الذي كانت حاملاً به ، وزوجها علي بن أبي طالب واقفٌ ينظر ولا يحرّك ساكناً ! أراد الشيعة أن يطعنوا في عمر ، فطعنوا بعلي وهم لا يشعرون حملهم على ذلك الهوى والبعد عن مخافة الله فجعلهم الشيطان مطيّةً له. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق