الثلاثاء، 20 يوليو 2010

رد على قبوري جهمي: التفويض في الصفات وحقيقة مذهب السلف ( الجزء الأول : المبحث التأصيلي )


رد: التفويض في الصفات وحقيقة مذهب السلف ( الجزء الأول : المبحث التأصيلي )

أما الأخ علوين وفقه الله : فإني قد ذكرت في مقدمتي المستعجلة أن هناك مبحثا حول ضابط المعنى شرحتُ فيه ما سألتَ عنه بما يكفي وذكرتُ أنه شبه جاهز وأنني تأخرتُ في ضمه للمبحث للسبب المشروح في المقدمة أعلاه فلا داعي للإعادة
ثم إني أنزهك من هذه الشنشنة التي نعرفها من العجزة الذين لا يستطيعون أن ينقلوا عن السلف ما يدل على مذهبهم سواء من المفوضة أو المؤولة فلجؤوا إلى إلصاق العجز بغيرهم ولهجوا بما لا يدركون عواقبه وأخشى أن تكون نموذجا منهم بل يبدو ذلك

وهذه حالة نفسية تعتري كل صاحب باطل أرهقته شهب الحق وأذهلته فصار همه إيجاد حالة من العجز يشترك فيها خصمُه معه

ثم هذه السياسة مكشوفةٌ أخي الكريم ، وهي ( موضة ) بدعية قديمة ، كلما دُمغ أهل البدع بالحجج لجؤوا للخروج من المأزق بالسؤال عن نقطةٍ ما يظنون أنها محل اشتباه ، وأنها قد تُخرجهم من حرج الإفحام فيسألون عن جزئية قد ورد في أمثالها أجوبة قاطعة كافية لنقض مذهبهم متجاهلين تلك الأجوبة !!
تماما كما يفعل النصارى عندما يُفحمون بالحجج من المسلمين على أن ديانتهم محرفة وعقيدتهم ملفقة فينقطعون عن الجواب ويشتغلون بفتح باب آخر يظنون أنه يهوّن عليهم من دعوى أن الإسلام دين وثنية بناء على شعيرة الطواف او بنحوها من الشبهات البالية
فانت أخي علوين لماذا لم تُجِب عن عشرات النصوص التي تقطع دابر التفويض بما يدل على أنه ليس من مذهب السلف في شيء وأنه مذهب محدث مخترع ؟!
لماذا لا تجيب عن إثبات معنى الحنان من الله وأنه تعطّفه على خلقه وعطفه عليهم كما أثبتناه لك من كلام السلف كابن عباس ومجاهد ؟!
لماذا لا تجيب عن إثبات معنى الاستواء وأنه الارتفاع والاعتلاء كما تواتر عن السلف ؟!
أو لا تجيب عن إثباتهم معنى الاستواء تماما كما يقر في قلوب العامة ؟
أو لا تجيب عن إثبات عشرات الأئمة لاستواء الذات وقد نقلنا كلامهم ؟
أو لا تجيب عن إثبات معنى الاستواء وأنه الذي يعقبه أطيط للمستوَى عليه كما ذكره الشعبي
أو لا تجيب عن إثبات أن فوقية الله بحد كما صح عن عدد منهم
أو لا تجيب عن إثبات معنى المجيء من بعضهم وأنه الاقبال
أو لا تجيب عن معنى الكفاح في كلامه وأنه المشافهة والمواجهة
أو عن معنى الصمدية وأنها انتفاء الجوفية عنه وأنه لاجوف له
أو عن معنى الكنف وأنه الناحية كما جاء عن بعضهم
أو عن دنو الرب وقربه وأنه يُحَس كما ثبت عن بعضهم
أو عن ودّه وأنه محبته
أو عن رحمته وأنها من الحنان والتحنن والتعطف
أو عن مجيئه في الظلل وأنه مجيء بحيث تكون الملائكة حوله فيه
أو عن النور وأنه يُرى وأنه يضيء .
أو عن نزوله وأنه فعل قائم على المشيئة يقترب به الرب إلى المنزول إليه من أعلى إلى أدنى
أو عن سبحات وجهه وأنها جلال الوجه ونوره
أو عن كونه كان في عماء وأنه كان في سحاب
أو عن تسويغهم السؤال عن الله بأين
أو عن جمال وجهه وأنه الحسن والبهاء
أو عن تجليه وأنه بروزه وظهوره
أو عن عجبه وأنه إعظامه للشيء
أو عن استهزائه وأنه إظهار المستهزِيء للمستَهْزَأ به من القول والفعل ما يرضيه ظاهراً ، وهو بذلك من قِيلِه وفعلِه به مورثه مساءة باطناً ، وكذلك معنى الخداع والسخرية والمكر

إلى غيرها من المعاني المثبتة في البحث من قِبل السلف أنفسهم ؟

أجب عن هذه وأشباهها مما ورد في البحث فأنا الذي سبقتك بإيرادها وأنت الملزم بالجواب فعليك الجواب قبل الفرار إلى طرح الأسئلة
ولو كان علوين طالبا للحق لما قصَر السؤال عن اليد ولسأل عن النزول والرحمة ونحوها لكنه الحرص على تغطية العجز والظن منه بأنه سأل عما يصعب التعبير عن معناه .

ومن المعلوم أن الصفات التي ينكر عوين إثباتها لله كما يدل عليه سؤاله ومَن على طريقتهم كالنزول والعلو والمجيء والرحمة والغضب والفرح والرضى والضحك ونحوها كصفات بغَضّ النظر عن الموصوف بها هي معلومة المعاني في أصلها لدى كافة الناس عالمهم وجاهلهم ، ولذلك نجد أصحاب المعاجم اللغوية والقواميس عندما يتعرضون لها في كتبهم يقولون معروفة ويكتفون بهذا أو يقولون هي ضد كذا ويكتفون وهكذا .
ولا يَسأل عن معانيها إلا مُسفسط ممخرق .
فانظر إلى ما قاله الإمام الذهبيُّ معلقا على أثر أبي جعفر الترمذي في صفة النزول عندما قال :
" صدق فقيهُ بغداد وعالمُها في زمانه ؛ إذ السؤال عن النزول ما هو؟ عيٌّ؛ لأنَّه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة، وإلاّ فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والاستواء عباراتٌ جليّةٌ واضحةٌ للسامع، فإذا اتّصف بها من ليس كمثله شيء، فالصفة تابعةٌ للموصوف، وكيفية ذلك مجهولة عند البشر، وكان هذا الترمذي من بحور العلم ومن العباد الورعين " ا.هـ

ومثله ما جاء عن ثعلب فقد سئل عن قول النبي ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره .
فقال ثعلب :
" الحديث معروف وروايته سنة والاعتراض بالطعن عليه بدعة وتفسير الضحك تكلف وإلحاد أما قوله وقرب غِيَره فسرعة رحمته لكم وتغيير ما بكم من ضر " ا.هـ

والتكلف هو السفسطة التي نعنيها

ومن معاني الصفات ما يفهم من خلال أحكام الصفة التي يصح تعلقها بها ومن خلال لوازمها وآثارها ومن خلال ما يقارب لفظها من مرادف أو ما يعكسه من مضاد
وفي قواميس اللغة يقولون كذا معروف أو هو ضد كذا من باب بيان معناه وهي طريقة معتبرة في بيان المعنى
فإذا لجأ المعظم لربه لمثل هذا في بيان معاني الصفات حتى لا يخطئ في التعبير ولا يفتح باب الخلاف أكثر مما هو مفتوح و..و..
اعترضه بعض شياطين الإنس يؤزونه إلى الخوض في المعاني أزًّا
وهذه سياسة يفتشون بها عن ثغرة لنقد المثبت بعد عجزهم عن الكلام في السليم

لو جاء أحد وقال أنا أثبت كل صفة بالمعنى المشهور المعروف على ما يليق بالله فيقول أثبت الغضب والفرح والوجه النزول على المعنى المعروف لكني أترك شرح ذلك خوفا من الخطإ في التعبير أو سدا لباب الخلاف أو اكتفاء بتعبير الكتاب والسنة
فالعاقل يعلم أن مثل هذا مقبول ولا فيه ما يعيب
مثل هذا كيف يسبه المعطل لو كان صادقا ويستفزه ليعبر بالطريقة التي يمليها ذلك المعطل بما يظن أنها تلزم المثبت
فهذا تصرف من أعيته الحجج والبراهين ولم يجد ما يعيب فلم يجد إلا التعجيز فهو المهرب الوحيد


فتلك الصفات كالنزول والضحك والرضى والغضب والمجيء ونحوها عندما نضيفها نحن إلى الله ننفي عنها كل ما يختص بالمخلوق فمالذي صيرها مجهولة بعد أن كانت قبل الإضافة معلومة ؟!
والأخ عوين هداه الله ينطلق في هذا السؤال ـ شعر أم لم يشعر ـ من منطلق أهل السفسطة والكلام الذين يُقدّمون ما يقوله أرسطو على ما يقوله رب العالمين !!
فهو ينطلق من القاعدة الكلامية التي تقول :
( التَّصَوُّرَ لَا يُنَالُ إلَّا بِالْحَدِّ )
وهو على ضوء تطبيقه يزعم أن التصور لا يحصل عند صاحبه إلا بحدّه لما يدّعي تصوّرَه ، وهذه مناقضة للعقل الذي لطالما لفقوا باسمه كل باطل .
فباتفاق العقلاء أن الناس على اختلافهم بين عالم وجاهل وناطق وأبكم يتصورون ويدركون معاني كثير من المسميات ، كمسمى الإنسان والحيوان والوجود والعدم ونحوها من المسميات ، مع عجز الكثير عن حدها والتعبير بدقة عنها وهذا لاينفي قيام التصور للمراد في أنفسهم بل خاصة أولئك الناس الذين يزعمون اشتغالهم بحدود الأشياء لا يكاد يتفقون على حدّ منها ولا يكاد يسلم حدّ منها من الاستدراك .
وكما يقول الإمام الفحل شيخ الإسلام :
" إلَى السَّاعَةِ لَا يُعْلَمُ لِلنَّاسِ حَدٌّ مُسْتَقِيمٌ عَلَى أَصْلِهِمْ بَلْ أَظْهَرُ الْأَشْيَاءِ الْإِنْسَانُ وَحَدُّهُ بِالْحَيَوَانِ النَّاطِقِ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضَاتُ الْمَشْهُورَةُ . وَكَذَا حَدُّ الشَّمْسِ وَأَمْثَالُهُ حَتَّى إنَّ النُّحَاةَ لَمَّا دَخَلَ مُتَأَخِّرُوهُمْ فِي الْحُدُودِ ذَكَرُوا لِلِاسْمِ بِضْعَةً وَعِشْرِينَ حَدًّا وَكُلُّهَا مُعْتَرَضَةٌ عَلَى أَصْلِهِمْ . وَالْأُصُولِيُّونَ ذَكَرُوا لِلْقِيَاسِ بِضْعَةً وَعِشْرِينَ حَدًّا وَكُلُّهَا أَيْضًا مُعْتَرَضَةٌ . وَعَامَّةُ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْأَطِبَّاءِ وَالنُّحَاةِ وَأَهْلِ الْأُصُولِ وَالْكَلَامِ مُعْتَرَضَةٌ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهَا إلَّا الْقَلِيلُ فَلَوْ كَانَ تَصَوُّرُ الْأَشْيَاءِ مَوْقُوفًا عَلَى الْحُدُودِ وَلَمْ يَكُنْ إلَى السَّاعَةِ قَدْ تَصَوَّرَ النَّاسُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَالتَّصْدِيقُ مَوْقُوفٌ عَلَى التَّصَوُّرِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَوُّرٌ لَمْ يَحْصُلْ تَصْدِيقٌ فَلَا يَكُونُ عِنْدَ بَنِي آدَمَ عِلْمٌ مِنْ عَامَّةِ عُلُومِهِمْ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ السَّفْسَطَةِ ..."
إلى أن قال عن أولئك المسفسطين :
" وَصَارُوا يُعَظِّمُونَ أَمْرَ الْحُدُودِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ هُمْ الْمُحَقِّقُونَ لِذَلِكَ . وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُمْ مِنْ الْحُدُودِ إنَّمَا هِيَ لَفْظِيَّةٌ لَا تُفِيدُ تَعْرِيفَ الْمَاهِيَّةِ وَالْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ حُدُودِهِمْ . وَيَسْلُكُونَ الطُّرُقَ الصَّعْبَةَ الطَّوِيلَةَ وَالْعِبَارَاتِ الْمُتَكَلَّفَةَ الْهَائِلَةَ وَلَيْسَ لِذَلِكَ فَائِدَةٌ إلَّا تَضْيِيعُ الزَّمَانِ وَإِتْعَابُ الْأَذْهَانِ وَكَثْرَةُ الْهَذَيَانِ . وَدَعْوَى التَّحْقِيقِ بِالْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ وَشَغْلُ النُّفُوسِ بِمَا لَا يَنْفَعُهَا بَلْ قَدْ يَصُدُّهَا عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ " ا.هـ

وصدق في حقكم هذا الإمام الفحل الذي جعلكم أضحوكة الطوائف فها هو شيخكم الغزالي في المنخول بعد أن زيّف جميع تعاريف من سبقه لـ"العلم" قال :
" والمختار أن العلم لا حد له إذ العلم صريح في وصفه مفصح عن معناه ولا عبارة أبين منه، وعجْزُنا عن التحديد لا يدل على جهلنا بنفس العلم " ا.هـ

فمع أن هذا الكلام منه قائم على أصول المتكلمين لكنه اعترف أن عدم التحديد للمعنى لا يعنى عدم العلم بالمحدَّد .
فعاد المجادِل في هذه الحدود ومن يهتم بطرحها متسفسطا مغرضا
وقد اعتاد هذا وأمثاله على السهل من الطرح في مناقشة المسائل فيوجهون أسئلةً كالبشوات !! ويكتفون بهذا لعجزهم ، وهي في الحقيقة ترِد عليهم وتَلزمُهم من جنس مايُلزِمون به خصومهم
فنقول له :
اذكر معنى الوجود بحيث يصدق على كل موجود
اذكر معنى الحياة بحيث يصدق على كل حي
أنا أعرف أنه الآن ببلوغه هذا السؤال يتتعتع
يقال له عرّف العلم والقدرة والسمع والبصر بنفس الطريقة التي تطالب بها المخالف حيث أنك لا تكتفي بما يذكره لك من معاني وتتكلف معه في تصعيب المهمة

أيها الإخوة ألم يتخبط الكثير من الأشاعرة في معنى السمع والبصر حتى حملها جماعة منهم على نوع من العلم
فمن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة

وإذا نظرنا إلى تعريفات علمائهم لبعض الصفات وجدناها على الطريقة التي يستنكرها علينا المتسفسطة

يقول الإمام البيهقي في كتابه الأسماء والصفات :
"السميع من له سمع يدرك به المسموعات ، والبصير من له بصر يدرك به المرئيات ، والكل منهما في حق الباري صفة قائمة بذاته – تعالى "

ويقول الخطابي عن صفة البصر :
" الْبَصِيرُ هُوَ الْمُبْصِرُ "
وقَالَ ايضا عن السمع :
" السَّمِيعُ بِمَعْنَى السَّامِعُ "

وقال محمد عبده وهو أشعري غال في رسالة التوحيد :
" ومما ثبت له بالنقل صفة البصر وهى ما به تنكشف المبصرات وصفة السمع وهى ما به تنكشف المسموعات فهو السميع البصير "

فالأشاعرة من أكثر من يتتعتع في بيان معاني الصفات
فانظر كتب الغزالي والآمدي والإيجي ترى العجب
وبالله انظروا ما سطره الآمدي في غاية المرام عن صفتي السمع والبصر

فلماذا لا تتسفسطون على أئمتكم كما تتسفسطون علينا ؟!

والوجود كصفة مع وضوحه وضوحا تاما لكل عاقل فإنه ليس من السهل استحضار معنى له يُتَّفقُ عليه ويُذكر في جملة فضلا عن كلمة كما يطالبنا بعضهم بذكر معاني الصفات عن طريق لفظ واحد مرادف
وآخر لا يعتبر اللفظ المرادف من قبيل ذِكر المعنى حتى تشرح له المعنى
ومع تجاوبنا بذكر المعاني مرادَفة وشرحا يتسفسط علينا هؤلاء المسفسطة ليستمر لهم تغطية العجز فما أعجز أهل البدع
فالنزول كصفة
لو قلنا للمُسفسِط هو الهبوط لاعترضَ وزعم أن هذا قصور وأنه لا يشتمل على أي معنى وهذا كذب منه
فلو قلنا له : هو فعل يقوم بالذات يقترب به الرب إلى المنزول إليه قربا حقيقيا ويكون من أعلى إلى أدنى
لو قلنا له هذا لأصر على سفسطته وهوسه القائم على محاولة تغطية العجز بإلصاقه بالغير
فنحن لا نملك أن نشفي هؤلاء المرضى لحالتهم النفسية المتردية
إن لم تكن هذه معاني فماذا تسمونها ؟
وعلى كلٍّ فنحن نثبت هذا ونسميه معنى فسموه أنتم ما شئتم


يا إخواننا عندما يقول عالم كأحمد أو غيره عن الله يتكلم بصوت وأنه ينادي بصوت مسموع
يأتينا المفوض ويقول لا نثبت معنى الصوت
الصوت الذي يُسمع عند الكلام عن نداء ماذا سيكون ؟

ما هذا التفويض البارد ؟!
إنها السفسطة !

ثم نحن بينا أننا نقتصر على المعنى الظاهر والأقرب إلى المعنى المجمل إغلاقا لباب التوسع الذي قد يفضي إلى التكييف
وبينا أننا نثبت معاني للصفات ( بعضها ) قد لا يمثل المعنى التام للصفة

ونقول للمخالف : هذه المعاني المذكورة هي التي نثبتها للصفات المذكورة فإن أنكر أنها معاني لها ! فهو مكابر ، وإن سلم بأنها معاني لكنها ليست التي طلب منا بيانها ، قلنا له نحن أثبتنا ما علمنا أنه ثابت لله وما نعتقد أنه المطلوب منا ولسنا بمطالبين أن نثبت ما تطلبه أنت فإن أردت منا الخوض فهو طلب في غير محله

وجوابا على سؤال عوين :

اليد هي كف حقيقية ولها أصابع وهي صفة ذاتية ( ذاتية يعني ضد المعنوية فهي تُرى ) يقبض بها ويبسط ويمسك ويكتب ويغرس وهي صفة تأثيرية كما يقول الشنقيطي

قال في القاموس المحيط
اليَدُ : الكَفُّ أو ..."
قال ابن سيدة :
" والكف : اليد "
وكذا قال ابن منظور والزبيدي
وقال الخليل والأزهري " الكف : كف اليد "

وقول المخالف أن اليد إن كانت حقيقية فلا تكون إلا جارحة لا يصح إلا في حق المخلوق .
ومنه تعلم أنه لم يعطل إلا بعد تلطخ قلبه بالتشبيه
فيَد المخلوق حقيقة لا تكون إلا جارحة أما يد الخالق فتكون حقيقية ولا تكون جارحة .
قال ابن منظور في اللسان :
" وفي التنزيل ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار )
والاستجراح النقصان والعيب والفساد وهو منه حكاه أبو عبيد
وجوارح الإنسان أعضاؤه وعوامل جسده كيديه ورجليه واحدتها جارحة لأنهن يجرحن الخير والشر أي يكسبنه " ا.هـ

فيد الإنسان وصفت بالجارحة لما تقوم به لا لذات اليد فكفى تلبيسا يا مسفسطة

وهذه أيضا بعض معاني الصفات اتعجل ذكرها إتماما للفائدة :

ـ جماله هو الحسن التام في وجهه وذاته الجمال الذاتي ( لا المعنوي فقط )
قال ابن سيدة الجمال الحسن
وقال ابن فارس الجمال وهو ضد القبح


فرحه هو من نوع البهج و السرور على وجه يليق به
وقال ابن منظور في الفرح : ( فرح ) الفرح نقيض الحزن
وذكر ابن فارس مقتصرا ( خلاف الحزن )

وتبشبشه هو ظهور أشد الفرح والبهج

والغضب هو صفة معنوية بمعنى الأسَف والسخط ، وهو ضد الرضى ومتفاوت ليس بمرتبة واحدة ، يشتد ويخف ، وهو طارئ يحصل عند مخالفة أمره ويوجب الخوف منه .

وفسر الفيروز آبادي الغضب بقوله ضد الرضا
وكذا ابن منظور
وابن فارس لم يذكر في تفسيره إلا لفظ السخط

وقال الأزهري مقتصرا في تعريف السخط قائلا : قال الليث : يقال : سَخَطٌ وسُخْطٌ مثل عُدْمٍ وعَدَم ، وهو نَقِيض الرِّضا

الضحك
هو فعل معروف أصله ، يقوم بالذات وراجع للمشيئة والاختيار ويحصل غالبا عند الإعجاب الشديد بالشيء تعبيرا عن الرضى أو عند حصول فرج للعبد غير مظنون لصاحبه أو نحوها من الأسباب

قال الأزهري :
ضحك : قال الليث : الضَّحِك : معروفٌ ،
ولم يفسره بغير هذا وكذا ابن منظور قال الضحك معروف

وقال ابن منظور : ( وجه ) الوجه معروف

وأقول : هو المقصود بالنظر في الذات ابتداء والأخص بتمييزها ومعرفتها وبالجمال .

الحلم معنى قائم بالذات يحمل على ترك المؤاخذة عند الغضب وعند عدم الرضى

الحكمة معنى قائم بالذات يقوم على العلم يحمل على وضع الشيء موضعه

جاء أي أتى مقتربا حقيقة إلى حيث أراد بفعل حقيقي بعد أن لم يكن جائيا

القدم هي الرجل

ونزوله هو النزول الحقيقي المعروف لكن كيفيته تليق بكمال الله
أو قلت هو ضد الصعود والارتفاع لكن كيفيته تليق بكمال الله
فإن تجاهلتَ وزعمت أنني لم أثبت شيئا وادعيت عنادا أنه لا معنى معلوم للنزول من كلامي ، وهذه منك مجرد سفسطة
كمن يقول في تعريف الحياة مثلا يقول هي معروفة لماذا نتجاهل كونها معروفة
أو قال هي ضد الموت لماذا نتسفسط على الناس
لماذا عندما نقول لكم ينزل حقيقة لا مجازا تعتبروننا قد شبهنا وجسمنا ولا تعتبروننا أننا لم نثبت معنى ؟!!
ولكن مع كل هذا فخذها أيها المفوض
نزوله هو هبوطه
فإن أصررت على التجاهل مع أنه جاء في بعض الروايات بالمعنى
فنقول هو قرب ذاته بفعله إلى المنزول إليه من خلقه قربا حقيقيا
هو فعل حقيقي ضد الارتفاع يقوم على الاختيار والمشيئة يقترب به تعالى إلى المنزول إليه من خلقه قربا حقيقيا
أو هو قربه من أعلى إلى أدنى
أو هو هبوطه إلى الأدنى .
وقد جاء في بعض روايات حديث النزول ذكر الهبوط

والنزول والاتيان والمجيء أفعال حقيقية تقوم بالذات وبمشيئة

واستهزاؤه سخريته

ورحمته هي حنانه وتحننه وزاد بعض أهل العلم فقال وعطفه
فهي العطف والحن

والرأفة قيل أحن من الرحمة ولهذا لا تكون مع كراهة بخلاف الرحمة

وبغضه هو كراهيته

واخيرا من ادلة التدليس عند علوين وأمثاله أنه ذكر أن لليد أكثر من عشرين معنى في اللغة بينما موضوعنا اليد في النصوص الشرعية التي جاءت في سياقات معينة تنفي بقية المعاني اللغوية فلماذا التدليس ؟
هل يقول من شم رائحة العلم إن قوله تعالى : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) بأن اليد هنا في هذا السياق تحتمل العشرين معنى ؟!
هذا هو كذب اهل البدع الذي لا ينتبه له العامة
وللحديث بقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق